العمل المتواصل لأصحاب المهن الشاقة، هل يعد من الاعذار المبيحة للإفطار في نهار رمضان؟ افتونا مأجورين.
- الباب الفقهي
- العبادات / الصيام
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- الافطار بسبب المهن الشاقة
- السؤال
- العمل المتواصل لأصحاب المهن الشاقة، هل يعد من الاعذار المبيحة للإفطار في نهار رمضان؟ افتونا مأجورين.
- الجواب
-
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن صوم رمضان أحد أركان الإسلام التي بني عليها، وهو واجب على كل مسلم مكلَّف صحيح مقيم، ومن ترك الصوم تقاعسا بلا مرض أو عذر شرعي فقد ترك ركناً من أركان الإسلام، وفعل كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، ويجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره، إلا إذا استحل الإفطار في نهار رمضان والعياذ بالله فانه يكفر عند العلماء.
فإذا عجز المكلَف عن الصوم أو لحقَتْه منه مشقةٌ لا قدرة له على تحملها؛ جاز له الإفطار شرعًا، لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، ولا يجوز أن يفطر فيه إلَّا أَصْحَاب الاعذار الْمُرَخَّص لهم فِي الْفِطْرِ كالمسافر، والمريض، والمرأة المرضعة أو الحامل، والهرم،والمكره في افطاره.
وقد نص الفقهاء أيضا على إباحة الفطر لمن يجهدهم العمل الذي لا بد لهم من أدائه ويشق عليهم الصوم نهارا، مع ولم يستطيعوا تأخير ساعات عملهم إلى الليل، ومنهم أصحاب المهن الشاقة، كعُمَّال المناجم ،ومعامل صهر وصب الحديد ،وقطع الأحجار، والحصَّادين، والخبازين، وعمال البناء، والذين لا بد لهم من مزاولة هذه الأعمال لضرورة الحياة أو نفقة العيال، فالواجب عليهم أن يبيتوا نية الصوم؛ لأن الأصل هو وجوب الصوم عليهم، فإن تضرروا بالصوم فلهم أن يفطروا بقدر ما يدفعون به الضرر عن أنفسهم، وعليهم القضاء في الأيام المعتدلة أو الباردة أو في أوقات اجازاتهم إن استطاعوا وإلا فعليهم الفدية فقط كالمرضى الزمنى، قال تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [ البقرة من الاية:184]، وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [ البقرة من الاية:185].
فمن أرهقه جوع مفرط، أو عطش شديد، فإنه يفطر ويقضي .
وقيده الحنفية بأمرين:
الأول: أن يخاف على نفسه الهلاك، بغلبة الظن، لا بمجرد الوهم، أو يخاف نقصان العقل، أو ذهاب بعض الحواس.
والمحترف المحتاج إلى نفقته كالخباز والحصّاد، إذا علم أنه لو اشتغل بحرفته يلحقه ضرر مبيح للفطر، يحرم عليه الفطر قبل أن تلحقه مشقة. ينظر: الدر المختار 2 / 116 والقوانين الفقهية ص 82.
وقال أبو بكر الآجري -رحمه الله تعالى- من الحنابلة: (من صنعته شاقة، فإن خاف بالصوم تلفاً، أفطر وقضى، إن ضره ترك الصنعة، فإن لم يضره تركها أثم بالفطر وبتركها، وإن لم ينتف الضرر بتركها، فلا إثم عليه بالفطر للعذر). ينظر: كشاف القناع عن متن الاقناع 2/310.
وألحقه بعض الفقهاء بالمريض، وقالوا: إن الخوف على النفس في معنى المرض كما في حاشية البيجرمي على الاقناع 2/346.
وليعلم أصحاب الصنائع الشاقة بأن الله عز وجل مطلع على أحوالهم، ويكتب لهم أجرهم مضاعفا، فعن ام المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، أن رسول الله ﷺ قال لها في عمرتها: ((إِنَّ لَكِ مِنَ الْأَجْرِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ)) حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وله شاهد صحيح.
والله تعالى اعلم
- الموضوع الفقهي
- أحكام الصيام
- عدد القراء
- 178