الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب على من توفي زوجها أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام، لقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً﴾(البقرة 234).

وخلال فترة العدة يلزمها الإحداد على زوجها.

واختلف الفقهاء فيما إذا كانت المرأة قد تقرر موعد سفرها قبل انقضاء عدتها، هل تخرج إلى حج الفريضة على قولين:

القول الاول: لا يجوز لها أن تخرج، وإن خرجت للحج فحجها صحيح ولكنها تأثم؛ لأن العدة تفوت ولا بدل لها، والحج يمكن الإتيان به في عام اخر. روي ذلك عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبدالله بن عمر – رضي الله تعالى عنهم-، وبه قال سعيد بن المسيب والثوري، وهو مذهب جمهور الفقهاء.

القول الثاني: لها ان تخرج إلى حج الفريضة؛ لأن المعتدة من وفاة تعتد حيث شاءت.

وهو قول علي بن ابي طالب وابن عباس وجابر بن عبدالله وام المؤمنين عائشة – رضي الله عنهم – وعطاء وطاووس والحسن البصري وهو مذهب الظاهرية.

والمفتى به: هو ما ذهب إليه جمهور العلماء في القول الأول أنه لا يجوز لها أن تخرج، وإن خرجت للحج فحجها صحيح ولكنها تأثم. ولكن في حالتك هذه أخي السائل ينظر إن استطاعت هذه المرأة أن تحصل على موافقة هيئة الحج والعمرة في تأجيل حجها للعام القادم بحيث لا يذهب مقعدها في الحج فهذا أفضل وأورع وموافق لقول الجمهور، وإلا فلا حرج في الأخذ بالقول الثاني عند الضرورة فلها أن تخرج إلى حج الفريضة، وبخاصة في هذه الأيام التي أصبح فيها الحصول على التصريح لأداء الفريضة أمرا ليس باليسير.

وقد صحَّ عن الصحابة كلا القولين فالمسألة اجتهادية، فلا مانع من خروجها لحج الفريضة، لكن الأورع عدم خروجها واعتدادها في بيت زوجها إلا لعذر، ولذا قال الامام الزهري - رحمه الله تعالى -: (أخذ المترخِّصون بقول عائشة، وأخذ أهل العزم والورع بقول ابن عمر) .

والله تعالى أعلم