ما حكم المكث في مكة بعد طواف الوداع لانتظار السفر والاستعداد له ؟ وهل يجوز التسوق من مكة بعده؟
- الباب الفقهي
- العبادات / الحج والعمرة
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- المكث بعد طواف الوداع
- السؤال
- ما حكم المكث في مكة بعد طواف الوداع لانتظار السفر والاستعداد له ؟ وهل يجوز التسوق من مكة بعده؟
- الجواب
-
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن طواف الوداع واجب من واجبات الحج، من تركه عليه دم، ويسمى طواف الصدر أيضا لوجوده عند صدور الحجاج ورجوعهم إلى وطنهم، وأنه يسقط عن الحائض والنفساء تخفيفاً، وعن المكي وأهل الحرم، والآفاقي الذي نوى الإقامة، لانتفاء معنى الوداع في حقهم إذ إن الوداع شرع للمفارق للحرم لا للمقيم.
فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ( أُمِرَ الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض ) متفق عليه، وعنه ايضا قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله ﷺ: ((لا ينفرنَّ أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت))(متفق عليه).
وذهب المالكية ودواد الظاهري وقول للإمام الشافعي وذهب إليه ابن المنذر إلى أنه سنّة، من تركه فلا شيء عليه.
واما المكث بعد طواف الوداع بنية الإقامة أو التجارة، فقد ذهب جمهور العلماء من الحنفية المالكية والشافعية والحنابلة، وإليه ذهب عطاءٌ والثوري وأبو ثور إلى أن هذا الطواف يلغى ولا يعتد به ويوجب إعادته.
وأما المكث بعد طواف الوداع في مكة للاشتغال بأسباب السفر من حزم الحقائب وشراء الزاد من الطعام والشراب والدواء أو انتظار موعد السفر ونحو ذلك، فهل يوجب ذلك عليه إعادة طواف الوداع؟ فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: الاعتداد به، وعدم الاعتداد.
ومن مكث بمكة بعد طواف الوداع بنية الإقامة أو التجارة، فان طوافه للوداع يلغى ولا يعتد به ويوجب إعادته.
وأما مَن مكث بعد طواف الوداع للاشتغال بأسباب الخروج أو انتظاراً لرفقته أو للسيارة أو بحثاً عن مفقود من الحجاج او الاغراض وكذلك شراء الزاد من الطعام والشراب والدواء من غير أن ينوي الإقامة لا يوجب إعادته لطواف الوداع، وكذلك مَنْ مكث بعد طواف الوداع لأداء صلاة فريضة حضرت، أو ركعتي الطواف، أو صلاة جنازة؛ فإن ذلك لا يوجب عليه إعادة الطواف كما ذهب جمهور العلماء؛ لأن النبي ﷺ في حجة الوداع، طاف للوداع ثم صلى الصبح، ثم ارتحل إلى المدينة، فقد ثبت في الصحيحين عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: شكوت إلى رسول الله ﷺ أني أشتكي، فقال: ((طوفي من وراء الناس وأنت راكبةٌ)) قالت: فطفت، ورسول الله ﷺ يصلي إلى جانب البيت وهو يقرأ { والطور وكتاب مسطور} (الطور 1-2).
وينبغي عدم التسرع في أداء طواف الوداع إلا بعد أن يبلغ المتعهد بيوم سفره برا أو جوا، فيبلغ حجاج القافلة بذلك لأداء طواف الوداع.
ومَن اشترى حاجة في طريقه للخروج بعد الطواف إلى مكان سكنه من غير أن يقصد الأسواق أو ينوي إقامة أو تجارة فلا حرج عليه في ذلك عند كثير من أهل العلم؛ لأن شراء اليسير، وقضاء الحاجة في الطريق، لا يسمى إقامة.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- في مجموع فتاويه: (لا يضر أن يشتري الإنسان بعد طواف الوداع حاجة في طريقه إما من أغراض السفر أو هدية إلى أهله، أو كتاباً يحتاجه، وأما إذا اشتغل بتجارة فإنه لا بد أن يعيد الطواف).
والله تعالى اعلم
- الموضوع الفقهي
- طواف الوداع
- عدد القراء
- 185