ما حكم رمي الجمرات في أيَّام التشريق قبلَ الزوال ؟ وقد سمعنا بعضهم يقول بجواز ذلك بسبب الزحام .؟
- الباب الفقهي
- العبادات / الحج والعمرة
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- رمي الجمار أيام التشريق
- السؤال
- ما حكم رمي الجمرات في أيَّام التشريق قبلَ الزوال ؟ وقد سمعنا بعضهم يقول بجواز ذلك بسبب الزحام .؟
- الجواب
-
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن رمي الجمار في الحج واجب ومن تركه عليه دم لفقراء الحرم، ويبدأ الرمي من يوم النحر العاشر من ذي الحجة وعلى التفصيل الآتي:
أولا: رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر العاشر من ذي الحجة وهي أول الجمرات رمياً وهي الأولى من جهة مكة، والسنة ان تُرمى يوم العيد بعد طلوع الشمس، وذهب الحنفية والمالكية إلى أن رميها يبدأ من بعد طلوع الفجر من يوم النحر، وأجاز الشافعية والحنابلة رميها من بعد منتصف ليلة النحر.
وكذلك يجوز للضعفاء من النساء والصبيان وغيرهم من الضعفاء أن يرموها ليلة العيد من آخر الليل، لأن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- كانت ترتقب غروب القمر ليلة العيد فإذا غاب دفعت من مزدلفة إلى منى ورمت الجمرة .
وأما آخر وقت رمي جمرة العقبة فيمتد وقته إلى غروب شمس يوم العيد، ولا حرج لمن أخره إلى آخر الليل نظراً لشدة الزحام أو كان بعيداً عن الجمرات، ولكنه لا يؤخره إلى طلوع الفجر من اليوم الحادي عشر، وأجاز الشافعية والحنابلة تأجيل رميها لعذر الى اخر ايام التشريق.
ثانيا: رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق يجب في يوم الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة للمتعجل رمي الجمار الثلاث على الترتيب: الجمرة الصغرى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة -الكبرى -، يرمي كل جمرة منها بسبع حصيات، بعد زوال الشمس من صلاة الظهر.
ويمتد الوقت المسنون من زوال الشمس إلى غروبها، فإن شق الرمي قبل المغرب، فلا حرج أن يرمي بالليل إلى الفجر في غير يوم النفر الأول، فعلى المتعجل أن ينفر قبل الغروب وإلا وجب عليه التأخير والرمي في اليوم التالي.
وأما نهاية وقت الرمي فهو إلى غروب آخر أيام التشريق على قول أكثر أهل العلم.
ومن التوسعة والتيسير على الحاج جواز تأخير رمي يوم الحادي عشر إلى يوم الثاني عشر، وذلك للضعفاء ولأهل الأعذار، فقد أذن رسول الله ﷺ لرعاة الإبل في جمع رمي يومين، ويقاس عليهم من لهم مثل عذرهم أو أكثر منهم -وأشد، فإذا كان الحاج يشقّ عليه الرمي لضعفه، أو لمرضه، أو لكبر سنه، فيجوز له أن يُنيب من يرمي عنه، وله أن يؤخر رمي يوم الحادي عشر إلى اليوم الثاني عشر، فيرمي المؤخر جمار الحادي عشر أولاً، فعندما ينتهي من رمي الجمار الثلاث، يرمى جمار الثاني عشر.
وأما الرمي قبل الزوال في أيام التشريق فقد اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال.
والمفتى به: هو ما ذهب إليه الجمهور من: (إن الرمي في أيام التشريق لا يجوز قبل الزوال، ولا يصح إلا بعده، فمن رمى قبل ذلك أعاد). وهو الراجح دليلا، والأحوط للعبادة، لأن من أتى به صح رميه اتفاقا، وأما من رمى قبل الزوال، فرميه مختلف فيه، بل لا يصح عند أكثر العلماء كما ذكرنا.
لثبوت ذلك عن رسول الله ﷺ في الأحاديث الصحيحة الصريحة، فانه ﷺ كان يرمي من حين تزول الشمس قبل أن يصلي الظهر، وهذا دليل على أنه لا يحل أن يرمي قبل الزوال وإلا لكان الرمي قبل الزوال أفضل، لأجل أن يصلي صلاة الظهر في أوّل وقتها، لأن الصلاة في أول وقتها أفضل.
وأما ما يتعلل به من الزحام، فإن الزحام موجود قبل الزوال أيضا، لا سيما مع تساهل كثير من الناس وأخذهم بهذا القول المرجوح، وقد يكون الرمي قبيل العصر أو بعده أخف منه زحاما، وهو أفضل من الرمي قبل الزوال، والمشقة بسبب الزحام الشديد قد انتفت الآن بعد توسعة الجمرات على أربعة طوابق وتكبير حوض الرمي والشاخص، وكذلك خطة التفويج المحددة، مما أدى الى تخفيف الزحام الشديد والتدافع بين الحجاج.
ومع هذا فمن أراد عند الضرورة أن يعمل بما قال به أصحاب قول: (جواز الرمي يوم النفر قبل الزوال) فلا بأس رفعا للحرج، فالضرورات تبيح المحظورت وهي تقّدر بقدرها.
والله تعالى أعلم.
- الموضوع الفقهي
- رمي الجمار
- عدد القراء
- 196