ما حكم بيع مقعد الحج الممنوح بالقرعة من هيئة الحج والعمرة أو التاشيرة الممنوحة من السعودية لغرض الحج والعمرة ؟
- الباب الفقهي
- العبادات / الحج والعمرة
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- حكم بيع تأشيرة الحج
- السؤال
- ما حكم بيع مقعد الحج الممنوح بالقرعة من هيئة الحج والعمرة أو التاشيرة الممنوحة من السعودية لغرض الحج والعمرة ؟
- الجواب
-
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الحج ركن عظيم من أركان الإسلام، وقد كتب الله تعالى الحج على المستطيع، ومن لا قدرة له على الحج بالوسائل المشروعة سقط عنه فرض الحج إلى أن يستطيع إليه سبيلا، قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾(آل عمران 97).
وتحويل ركن من أركان الإسلام إلى حق مالي لمن يدفع المال؛ هو تشويه لروح العبادة وإخضاعها لسوق العرض والطلب وهذا محرم شرعا، لأن تأشيرة الحج هي إذن ورخصة بدخول الأراضي المقدسة في مكة والمدينة لأجل أداء فريضة الحج، وهو حق لكل مسلم ولا توجد له قيمة مالية، فهو ليس من الحقوق الشخصية التي لها قيمة مالية لصاحبه حق التنازل عنه بعوض، بل هو من الحقوق المجردة التي لا يجوز بيعها، ولا يجوز التنازل عن هذه الحقوق في مقابل مال عند جمهور العلماء.
فهناك من الحقوق الشخصية ليست لها قيمة مالية، ومنها تأشيرة الذهاب إلى الحج، فهي لا تتضمن في ذاتها ونفسها منفعة تقوّم بمال، بل هي حق اقتضته الاتفاقات بين الدول الإسلامية لتنظيم الحج، وتحويل هذه التأشيرة العبادية إلى سلعة تباع وتشترى، يعني جعل حق المسلم في الحج سلعة، وإخضاعه للعرض والطلب في السوق، وهذا يتنافى مع الحقوق والواجبات الشرعية وعلى رأسها فريضة الحج الأكبر.
والذي يحصل على تأشيرة حج مجانا، أو قد يحصل عليها بوجاهته ونفوذه وتمنح له بصفة خاصة، فله الحق فقط أن يتنازل عنها مجانا لمن يرغب، ولا يجوز له أن يتاجر بها، فيكون قد استفاد من مركزه ونفوذه ووجهه في تحقيق مكاسب مالية، ولا يجوز بيع الجاه والنفوذ عند جماهير أهل العلم، وهو من باب أكل لأموال الناس بالباطل، لأن المال المبذول من المشتري واقع دون مقابل شرعا، وهو ما بينّه الله تعالى في كتابه: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾(البقرة 188).
ولا يجوز أن تتخذ تأشيرات الحج والعمرة تجارة يستغلّ بها عوام المسلمين من الحريصين على أداء فريضة الحج، بل ينبغي للمسلم أن يساعد إخوانه المسلمين ولا يكون جشعا فيستغلهم، وأن يكون لهم عونا على فعل الخير وأداء العبادة على وجهها الشرعي.
الخلاصة: إن مقعد الحج الممنوح من هيئة الحج والعمرة التي حسب قانونها تمنع بيعه وتسمح بالتنازل عنه بغير عوض مالي، وكذلك التأشيرات الممنوحة للحج والعمرة من السعودية بما تسمى بحج المجاملة لتوزيعها على من لم يحج او من يرغب بالحج؛ ليست محلا للمعاوضات المالية شرعا وقانونا، فمن أخذ تأشيرة ليحج او تأشيرة ليعتمر بها ثم غير رأيه او تعذر عليه الذهاب ؛ فله أن يتنازل عنها لغيره، وليس له أن يأخذ مقابل هذا التنازل مالا، إلا أن يكون قد بذل في سبيل الحصول عليها مالا فله أخذ التكلفة فقط ؛ لأن بيعها هو من السحت الحرام .
والله تعالى اعلم
- الموضوع الفقهي
- تأشيرة ومقعد الحج
- عدد القراء
- 270