هناك من يقول بجواز صيام المرأة أثناء الحيض إذا كانت قادرة على الصيام ولم تجد فيه ضعفا في جسمها! فما حكم ذلك؟
- الباب الفقهي
- العبادات / الصيام
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- حكم صوم الحائض والنفساء
- السؤال
- هناك من يقول بجواز صيام المرأة أثناء الحيض إذا كانت قادرة على الصيام ولم تجد فيه ضعفا في جسمها! فما حكم ذلك؟
- الجواب
-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛أما بعد:
فقد أجمع علماء الأمة الإسلامية على تحريم صيام الحائض والنفساء فرضا ونفلا، وإن فعلت أثمت ولا يصح منها، وقالوا: لو حاضت المرأة وهي صائمة بطل صيامها ولو كان ذلك قبيل الغروب بلحظة، ووجب عليها قضاء ذلك اليوم إن كان فرضاً،وإذا طلع الفجر وهي حائض لم يصح منها صيام ذلك اليوم ولو طهرت بعد الفجر بلحظة،وإذا طهرت قبيل الفجر فصامت صح صومها ،وإن لم تغتسل إلا بعد الفجر، فحكمها حكم من نوى الصيام وهو جنب ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر فإن صومه صحيح، لحديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في الصحيحين قالت: (( كان النبي ﷺ يصبح جنباً من جماع غير احتلام ثم يصوم في رمضان )).
ويجب على الحائض والنفساء قضاء صوم الفرض ولا تقضي الصلاة، فعن معاذة العدوية قالت: سألت عائشة -رضي الله عنها- فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟ قلت: لست بحرورية، ولكني أسأل، قالت: (كان يصيبنا ذلك - تعني الحيض -، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة) رواه مسلم وأبو داود واحمد وغيرهم. قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى- في فتح الباري [1/422]:( حرورية مؤنث «حروري» نسبة إلى حروراء بلدة على ميلين من الكوفة، ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج -حروري- لأن أول فرقة منهم خرجوا على علي -رضي الله عنه- بالبلدة المذكورة، فاشتهروا بالنسبة إليها، وهم فرق كثيرة، ومن أصولهم المتفق عليها بينهم الأخذ بما دل عليه القرآن ورد ما زاد عليه من الحديث مطلقا، ولهذا استفهمت عائشةُ معاذةَ استفهام إنكار).
وفي صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) أن النبي ﷺ قال: ((أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم، فذلك نقصان دينها)).
قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى- في المجموع شرح المهذب [2/354]: (فأجمعت الأمة على تحريم الصوم على الحائض والنفساء، وعلى أنه لا يصح صومها، كما قدمنا نقله عن ابن جرير، وكذا نقل الإجماع غيره، قال إمام الحرمين: وكون الصوم لا يصح منها لا يدرك معناه، فإن الطهارة ليست مشروطة فيها، وأجمعت الأمة أيضاً على وجوب قضاء صوم رمضان عليها، نقل الإجماع فيه الترمذي وابن المنذر وابن جرير وأصحابنا وغيرهم).
وقال الإمام ابن عبد البر - رحمه الله تعالى- في التمهيد [22/107]: (وهذا إجماع أن الحائض لا تصوم في أيام حيضتها وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة لا خلاف في شيء من ذلك والحمد لله، وما أجمع المسلمون عليه فهو الحق والخبر القاطع للعذر، وقال الله عز وجل: [وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا]. والمؤمنون هنا الإجماع).
والعلّة هنا في وجوب الإفطار وحرمة الصيام هو: نزول دم الحيض والنفاس، والحكم يدور مع العلة وجودا وعدما، وأما قول بعضهم: إن العلة من المنع هو ضعف المرأة أثناء الحيض فإذا لم تجد ضعفا فلها أن تصوم ! هذا قول باطل ولا يصح وهو مخالف للنصوص وإجماع الأمة، لأن ضعف البدن هو الحكمة من منعها من الصوم وهو وصف ظني غير منضبط ولا يمكن للحكمة أن تكون مناطا للحكم لأنه قد يخفى ظهورها وانضباطها، فالحكمة هي: المصلحة المترتبة على الحكم أو الهدف من الحكم وهي تابعة للعلة ولا تسبقها، وأما العلة فهي وصف مناسب ظاهر منضبط وهي مناط الحكم أي يدور معها الحكم فإن وجِدت وجب الحكم وإن انعدمت انعدم الحكم وهنا العلة كما ذكرنا هو نزول دم الحيض أو النفاس. والله تعالى أعلم
- الموضوع الفقهي
- أحكام الصيام
- عدد القراء
- 199