المحرم الذي اشترطه الفقهاء لسفر المرأة أو حجها: هو الزوج، أو من تَحرم عليه على التأبيد؛ كالأب، والأخ، والابن من النسب أو من الرضاعة.

واشترط الحنفية، والحنابلة: وجود زوج أو محرم للمرأة إذا كان الحج مسافة قصر، لعموم قوله(صلى الله عليه وسلم): (( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ ثَلاثًا إلا مع ذِي مَحْرَمٍ))*. والمراد بلفظة(ثَلاثًا): سفرًا مدته ثلاثة أيام بلياليها.

وقال مالك، والشافعي: ليس من شرط وجوب الحج وجود المحرم؛ وتخرج المرأة إلى الحج إذا وجدتْ رفقةً مأمونةً. وهو مذهب عائشة (رضي الله عنها)، فعَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ الْمَرْأَةُ لَا تُسَافِرُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: (لَيْسَ كُلُّ النِّسَاءِ تَجِدُ مَحْرَمًا)** .

والمقصود بالرفقة المأمونة: جمعٌ من النسوة الثقات. وأجاز بعضهم الجمع من الرجال الثقات.

واختار طائفة من أهل العلم: أن المرأة يجب عليها أن تخرج للحج وحدها إذا كانت الطريق آمنة؛ كما يلزمها إذا أسلمت في دار الحرب الخروج إلى دار الإسلام وحدها بلا خلاف***.

ويؤيد هذا الرأي: ما ورد عن عَدِيِّ بن حَاتِمٍ الطائي أنه قال له النبي (صلى الله عليه وسلم): (( يا عَدِيُّ هل رَأَيْتَ الْحِيرَةَ؟ قلت: لم أَرَهَا وقد أُنْبِئْتُ عنها. قال فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ من الْحِيرَةِ حتى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لا تَخَافُ أَحَدًا إلا اللَّهَ )) ****.

فالحديث فيه دليل على جواز سفر المرأة منفردة في حال الأمن؛ لأن ذكر الخبر منه (صلى الله عليه وسلم) جاء من باب الإقرار. وهذا الرأي في زماننا ممكن ومناسب، فإذا كان سفر المرأة في الطائرة فهي أكثر أمناً من الطريق البري المسلوك.

كما وأن الحج أصبح عن طريق القرعة؛ ومن خرجت قرعتها ولم تخرج للحج لعدم المَحرم ربما ستحرم من الحج، فلا ضير أن تحج في مثل هذه الحال مع التسليم بأن وجود المحرم أولى.

*رواه مسلم، كتاب الحج، بَاب سَفَرِ الْمَرْأَةِ مع مَحْرَمٍ إلى حَجٍّ وَغَيْرِهِ، برقم 827.

**ابن حزم، المحلى بالآثار 5/ 19

***انظر: النووي، المجموع 7/55.

****رواه البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة، برقم 3400.